عدم إزالة اللحمية قد يشكل خطرا على الأطفال

تتعدد أسباب حدوث التهابات الجيوب الأنفية، بيد أن السبب الرئيسي لها في الكويت يعزى إلى ما تتميز به البيئة من تغير مفاجئ بين حرارة البيوت (المكيفة بالهواء البارد) والحرارة المرتفعة خارجا، بالإضافة إلى مواسم الرطوبة والغبار والعوالق الهوائية التي تدخل إلى الجهاز التنفسي فتسبب استثارته.
أفادت الاستشارية فاتن قنديل، رئيسة قسم أمراض الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى الراشد، أن أهم سبب لتكرار الإصابة بالتهابات الجيوب الأنفية يرجع إلى انتشار مسببات الحساسية في الكويت، لكن قد يلتبس الأمر على البعض ما بين أعراض الحساسية وبين التهاب الجيوب الأنفية.

بان أعراض الحساسية تحدث من جراء التعرض للمثيرات، وتتميز بالشكوى من نوبات العطاس والاحتقان مع سيلان افرازات شفافة من الأنف وحكة في العين والأنف والبلعوم وأضافت:
ــ عادة ما تشتد الأعراض صباحا لتخف ليلا. وتتحسن الحالة كثيرا عند تناول مضادات الحساسية (مضاد الهيستامين) سواء على شكل حبوب أو بخاخ. بيد أن العلاج الأهم هو الابتعاد عن المثيرات أو مسببات الحساسية، لتفادي حدوث النوبة. أما بالنسبة إلى أعراض التهاب الجيوب الأنفية، فتظهر نتيجة عدوى جرثومية (غالبا بكتيرية) تسبب احتقان الأغشية المبطنة للأنف والجيوب وظهور الصديد. ومن أعراضها صداع شديد وألم وزغللة في العيون وخروج إفرازات أنفية لزجة ذات لون، بالإضافة إلى صديد. وقد تنتشر العدوى لتسبب التهاب قنوات الأذن وظهور أعراض مثل الم وانخفاض السمع.
والحساسية نوعان:
ــــ موسمي (فصلي): يحدث في فصول معينة كالخريف أو موسم الغبار أو حبوب الطلع.
ــــ دائم (يستمر طول السنة): فتظهر الأعراض في أي وقت نتيجة التعرض لمثيرات الحساسية مثل الحيوانات أو الغبار أو الروائح.

أنواع التهابات الجيوب الأنفية
وتنقسم التهابات الجيوب الأنفية إلى نوعين:
1 - التهابات حادة: وهي التهابات تظهر فجأة ويرافقها صداع وحرارة والتهاب في العين، وخروج افرازات (بلغم) ملونة (اصفر أو اخضر). وعادة ما يكون العرض الأساسي هو الشكوى من التعب وعدم النوم لمدة يوم أو يومين. ومن السهل علاجه بالمضادات الحيوية لتتحسن الحالة خلال أيام قليلة ويشفى تماما.
2 - التهابات مزمنة: تحدث عند تكرار العدوى البكتيرية، وحدوث التهابات حادة في الجيوب، بما يسبب تضخم الغشاء المخاطي وظهور اللحميات التي تسد قنوات أو فتحات الجيوب الأنفية، مما يمنع خروج الترسبات للخارج، فتترسب في داخل الجيوب الأنفية وتكون قيحا وصديدا، وتتحول إلى التهاب مزمن.

التشخيص
بينت د. قنديل بأن أفضل طريقة لتشخيص التهاب الجيوب الأنفية ولحميات الأنف، هي الخضوع للتصوير بالأشعة المقطعية CT أو MRI. وتابعت:
ــــ لعلاج التهاب الجيوب الأنفية المزمن لا بد أولا من البحث عن السبب الرئيسي لانسداد قنوات تصريف الجيوب الأنفية، لعلاجه. وعادة ما يكون السبب هو تكون اللحميات أو انحراف الحاجز الأنفي الشديد أو تضخم في القرنيات. واذا اكتشف وجود لحمية داخل الجيوب الأنفية، يمكن إزالتها من خلال العملية التنظيرية. وفي هذه العملية، يتم تنظيف الجيوب الأنفية من الترسبات الإفرازية والصديد مع توسيع فتحاتها، حيث إن تحسين تهوية الجيوب الأنفية وتنظيفها هو أهم وقاية من تكرار الإصابة بالتهاباتها.

الوقاية
وهناك عدة إرشادات لتفادي الإصابة بالتهابات الجيوب، من أهمها:
ــــ الحرص على الاستنشاق: نظرا لارتفاع حرارة الجو، لا بد من مداومة المريض على الاستنشاق باستخدام المحلول الملحي (المسمى ماء البحر) مرتين على الأقل يوميا. فهو يحافظ على رطوبة الغشاء الأنفي ونظافته بما يبعد عنه الاحتقان.
ــــ الوقاية من الحساسية: اذا كان سبب تكرار الإصابة بالتهابات الجيوب يرجع للحساسية، ينصح الشخص باستعمال مضادات الحساسية مع بداية كل موسم للوقاية من مضاعفاتها.
ــــ تنظيف المكيفات: تعتبر أجهزة التكييف المنزلي من الأسباب الرئيسية للالتهابات، لذا يجب تنظيف أو تبديل فلاترها من فترة لأخرى.
ــــ استعمال جهاز ترطيب الهواء بشكل صحيح: فهو مفيد للجميع وبخاصة للأطفال ممن يعانون من جفاف الأنف، ولكن مع شرط الاستعمال السليم بضبط جهاز الترطيب(نافث البخار) على درجة رطوبة 35. وأن يستعمل بحدود لا تزيد على ساعتين في اليوم. وزيادة الرطوبة على ذلك تسبب زيادة في الإصابة بالالتهابات لكونها توفر مرتعا خصبة لتكاثر البكتيريا.

ما هي لحميات الأنف؟
وأوضحت د. قنديل بان هنالك فرقا كبيرا بين اللحمية البلعومية التي تصيب الأطفال، واللحمية الأنفية التي يمكن أن تصيب جميع الفئات العمرية. وقالت:
ــــ عند حدوث الالتهاب، قد تتضخم القرنية أو الأغشية المغطية للجدار الأنفي، مما يسبب تكون لحميات في الجيوب الأنفية. ويتطلب الأمر الكشف بالمنظار الأنفي أو الأشعة المقطعية CT.
أما بالنسبة للالتهابات الشائعة بين الأطفال تحت عمر 6 سنوات، فهي التهابات اللحمية واللوزتين.
وللتوضيح، يولد الطفل ولديه لحمية في منطقة خلف الأنف المسماة «البلعوم الأنفي»، وهي عبارة عن غدد لمفاوية لها دور مهم في زيادة مناعة الطفل.
ونتيجة لمجاورتها للوز، فعادة ما تنتقل العدوى منها لتسبب التهاب اللوز أيضا. وهنا تظهر أعراض تتميز بانسداد مجرى التنفس الأنفي والحمى وخروج افرازات أنفية مستمرة، والشخير، مع تكرار الإصابة بالتهابات تنفسية.
وقد تنتقل العدوى إلى قنوات الأذن لتسبب مضاعفات على حاسة السمع. والعلاج الأمثل لها هو عملية استئصال اللوز واللحمية.

التشخيص
يشخص تضخم لحمية البلعوم للأطفال من خلال الأشعة العادية لمنطقة البلعوم. ولا تحتاج هذه الأشعة للتحضير أو أي حقنة، كما إنها لا تستغرق أكثر من دقائق يقف خلالها الطفل مقابل حامل الصور أثناء تسليط الأشعة على منطقة الرقبة. وتبين النتيجة درجة تضخم اللحمية، فإن كانت كبيرة بحيث تسبب انسداد مجرى الهواء، يبدأ التخطيط لعملية استئصالها جراحيا.

متى تزال اللحمية؟
أكدت د. قنديل ضرورة التشخيص وعدم الاستعجال، وقالت:
ــــ عادة ما يتساءل والدا الطفل المصاب باللحمية عن انسب وقت لإزالتها. وللعلم، فلا يحبذ اجراؤها قبل بلوغ السنتين،
لكن قد تظهر أعراض خطرة على بعض الحالات، توجب استئصالها الفوري حتى لو كان عمر المريض اقل من سنة، مثلا لو سبب التهاب اللحمية مضاعفات كتكرار حدوث الالتهابات التنفسية وانسداد الأنف المزمن، بما قد يسبب الاختناق أثناء النوم وانسداد قنوات الأذن وصعوبة النوم.
وفي حالات شديدة قد تسبب اللحمية انخفاض معدل الأكسجين في الدم أثناء النوم وهي حالة خطرة، فهنا ينصح بإزالتها بسرعة، بغض النظر عن العمر.

عمليات بسيطة
عمليات استئصال اللحمية من العمليات البسيطة، فهي لا تستغرق أكثر من ربع ساعة، لكن المريض يحتاج الى وقت للتخدير والنقاهة. ويمكن استئصال اللحمية واللوزتين بعدة طرق: مثل الكحت الجراحي أو الليزر أو التردد الحراري، وجميعها بالجودة ذاتها، بيد إن طريقة الليزر والتردد الحراري (وتسمى ايضا الكوي) تتميز بانخفاض معدل النزف.
وللإشارة، فمن النادر إن يحدث نزف مفرط لدى الأطفال، إلا لدى من يعانون أمراض الدم أو السيولة. والمهم هو اختيار الجراح المتمرس الذي يحرص على إزالة اللحمية والخلايا الملتهبة بالكامل، حيث إن ترك أي بقايا سيسبب عودة نمو اللحمية مرة ثانية.

الشخير عرض لا بد من تشخيص سببه
هنالك أسباب عديدة لعرض الشخير أثناء النوم، ومنها تضخم اللحمية. وبينت د. قنديل:
ــــ من الطبيعي ان تضمر اللحمية (الغدد الليمفاوية ) مع بلوغ الطفل عمر السادسة، لكن تكرر إصابته بالعدوى الجرثومية يسبب التهاب اللحمية واللوز بشكل مزمن، ليسبب تضخمها وضيقا مزمنا لمجرى الهواء، وحتى يحصل الطفل على الهواء يتنفس من فمه بما يسبب صدور صوت الشخير.
ولإزالة هذا الضيق يجب استئصال اللحمية بشكل كامل، لكن ذلك لا يضمن اختفاء الشخير في كل الحالات، فقد يعزوا ظهور الشخير، لمصدر آخر يسد مجرى الهواء أو لعدم استئصال اللحمية بشكل كامل.
وصدور صوت الشخير يدل على حالة الاختناق أثناء النوم، مما يجعل النائم يفتح فمه حتى يتنفس الهواء ويدخل لرئتيه. ودخول الهواء من خلال الفم يسبب ذبذبة سقف الحلق بما يصدر صوت الشخير.
وأكدت د. قنديل انه عرض يستوجب التشخيص والعلاج. وأضافت:
ــــ من المهم ان يتنفس الطفل بشكل طبيعي حتى تصل كمية كافية من الأكسجين لدماغه وخلاياه فينمو بشكل طبيعي. وللعلم، فمن لا يحصلون على نسبة طبيعية من الأكسجين معرضين للإصابة بمضاعفات مرضية مثل نقص الأكسجين لخلايا الدماغ مما قد يسبب موتها.
تنقسم المسببات بحسب مصدرها إلى:
1 - سبب مركزي من الدماغ: خلل في الإشارات العصبية أو في مناطق الدماغ.
2 - سبب انسدادي: وجود عامل يسبب انسدادا في مجرى الهواء الممتد من الأنف الى الحنجرة.
ومن أهم الأسباب الانسدادية:
1 - أكثر الأسباب شيوعا في الأطفال هو التهاب وتضخم اللحمية واللوز.
2 - انحراف شديد في الحاجز الأنفي.
3 - تضخم شديد في قرنيات الأنف.
4 - رجوع اللسان للخلف عند الاستلقاء على الظهر، بما يسبب الاختناق.
5 - عيوب خلفية وراثية: مثل تضخم اللسان أو صغر عظم الفك بما يجعل حجم الفم ضيقا ولذا يرجع اللسان للخلف.
6 - وجود كيس سائل في الحنجرة أو على الأحبال الصوتية.
7 - وجود غشاء بين الأحبال الصوتية مما يسبب الانسداد.

انحراف الحاجز
من الشائع ان يكتشف المعالج وجود انحراف بسيط في الحاجز الأنفي للأشخاص، لكنه عادة ما يكون غير مضر ولا يسبب أي أعراض. لكن أحيانا قد يكون الانحراف شديدا، ليسبب ظهور أعراض مثل الصداع الشديد وانسداد الأنف الدائم أو التنفس من فتحة واحدة، وتكرار الإصابة بالعدوى والتهاب الجيوب الأنفية. ويتم تشخيص درجة الانحراف من خلال التصوير بالأشعة العادية. ويتم تقويم انحراف الحاجز من خلال عملية بسيطة من خلال جروح داخلية في الأنف، بما يلغي ظهور جروح خارجية.

أضرار التدخين
من المعروف ان التدخين مضر جدا للجهاز التنفسي بأكمله، بداية من الأنف وانتهاء إلى الرئة. وقالت د. قنديل انه من الممكن التعرف على المدخن من خلال فحص الأنف، حيث يظهر الضمور في الأغشية المغطية للأنف. فيما تبين أشعة صدره وجود ترسبات مواد السجائر السمية على الرئة. وأفادت بأن أهم أضرار التدخين على الجهاز التنفسي:
ــــ ضمور غشاء مجرى الهواء المخاطي مما يقلل من المناعة ويسهل تكرار الإصابة بالالتهابات المزمنة وبطء الشفاء منها.
ــــ تكون الأورام (في الفم أو البلعوم أو الحنجرة أو الرئة) نتيجة لترسب المواد الصبغية والمسرطنة على جدران مجرى الهواء.
ــــ ضعف المناعة بشكل عام.
ــــ ضيق التنفس أو صعوبته نتيجة لترسب مواد السجائر في الرئة وانسداد الحويصلات الهوائية.
وأضافت قائلة:
ــــ للعلم، التدخين غير المباشر مضر أيضا، لذا فزوجة المدخن وأولاده يعانون من أعراض المدخنين الايجابيين ذاتها. فقد بينت الدراسات بأن الشخص الجالس بجانب المدخن يدخن 70 - %80 من محتوى السجائر. فيما جلوسه على بعد متر يوصل %35 من محتوى السجائر لرئتيه.

وصفة لاسترجاع الصحة
بعد الإقلاع عن التدخين تتحسن صحة الجهاز التنفسي وكفاءته سريعا لترجع إلى حالتها الطبيعية خلال سنتين أو أكثر بقليل بحسب سنوات التدخين. فكلما طالت سنوات التدخين تطلب الأمر سنوات أكثر حتى تتخلص الرئة من ترسباتها. ويمكن التسريع في تحسين صحة المقلعين عن التدخين من خلال تناول عقاقير ترفع المناعة، وتفادي مجالسة المدخنين، وتناول الأطعمة الصحية مع ممارسة رياضة خفيفة. فهذه الخطوات أفضل وصفة سحرية تضمن استرجاع المدخن لصحته.
رمضان كريم احبتي